مابعد الكسر إلا الجبر..

سالم ناصر أحد سكان مدينة الخوخة، متزوج وليس لديه أبناء، يقول سالم:"لا أعمل حالياً وقيد البحث عن فرصة عمل – عندما لم يكن هناك أزمة كنت أعمل في صيد الأسماك في منطقة المخاء لم يكن هناك أي نوع من التعقيد أو المشاكل، حجم الأمان الذي كنا نعيشه كافي للتخفيف من همومنا وكان العمل نعمة ونوع من الأمان يوفر لنا لقمة العيش وقوت يومنا".

الإصابة بـالأمراض المزمنة مثل مرض السكر يكاد المجتمع يعتاد عليها في ظل الانهيار الصحي والمجتمعي الذي تعيشه البلاد منذ قبل 10 أعوام, فكان نصيب سالم أن يصاب بمرض السكري، سعى سالم للعلاج و مساعدة نفسه، الأمر لم يكن بالمعقد ولكن كان هناك نوع من القلق كون صحة سالم تتجه إلى الأسوء، بعد ذلك فرضت الأيام والظروف المعيشية الصعبة على سالم أن يترك منزله وكل حياته السابقة ويسعى بالفرار للنجاة بروحه، يقول سالم:"كان من أقسى ما أجبرتني الحياة على تقبله، اضطررت للهروب مع أسرتي إلى منطقة بعيدة ولم أستطيع جلب أي شي من منزلي فقط أنا وزوجتي وأمي وأبي، فكان الفرار وجهتنا.. في المنزل الجديد كان سالم مُلزم لتوفيرالمستلزمات المعيشية لأسرته، يحاول سالم مجاهدًا  كل صباح في البحث هنا وهناك محاولاً تعويض جزء من احتياجاته اليومية للعيش في ظل انقطاع العمل، وفي أحد الأيام التي غيرت حياة سالم للأسوء حين أصيب بجرح في قدمه لم يكن ذو خطورة حينها، يقول سالم:" لم تمضي فترة كبيرة من حين إصابتي بالجرح، أسبوعان فقط لا غير ومن بعدها بدأت أشعر بالألم وأحسست بالكثير من الوجع وحاولت متابعة المختصين لعلاج الجرح الذي يكبر من يوم إلى آخر ويسبب لي مشاكل صحية كثيرة، حاولت التأقلم و السعي خلف التخفيف من وضعي لكن للأسف لم يكن هناك أمل تضاعف وضع قدمي الصحي حتى اتخذ الطبيب قرار البتر"، أيام تكاد تكون بالطويلة أجبرت سالم أن يعيش شعور الفاقد للحياة وانعدمت فرصته بالعمل وعاش الكثير من الوجع والكثير من الهموم، أسرته يبرق الحزن من أعينهم والأسى يكسي التفاصيل اليومية التي يعيشونها، هالة كبيرة من اليأس، عام ونصف من المشي بواسطة العكاز والتي أجبرت سالم أن يقول " لم يكن هناك سبيل لتقبل الحياة – فقدت منزلي وعملي وحياتي والآن ما تبقى من روحي، لا أعلم إلى أين سأصل"، بعدها بفترة يأتي اتصال مفاجئ لسالم يوصله لقمة الفرح وفقاً لحدثيه: "تواصل معي أحد الأشخاص يخبرني أنه منسق مركز الأطراف الصناعية في مدينة تعز المموّل من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وندعوك لتركيب طرف صناعي في مدينة تعز وسنتكفل بنقلك إلى مدينة تعز وتوفير نفقات النقل والسكن والتغذية وتركيب الطرف الصناعي وحتى إعادتك إلى منطقتك، كنت أظن أن المتحدث يمزح معي ووجهي يحاول الإبتسام والتصديق بعدها تواصل معي مرة أخرى ليخبرني أن غداً رحلتي حينها جزمت أني وصلت إلى أمل في حياة جديدة،

سنة ونصف من الوجع والإنكسار يصل سالم بعدها إلى مركز الأطراف حيث تم استقباله وعرضه على الطبيب المختص، يخبر الطبيب سالم أنه بحاجة لتصحيح البتر كون البتر السابق لم يكن بالشكل السليم، فعمل المركز على تنسيق وإجراء عملية تصحيح بتر لسالم والتي تعتبر إحدى الخدمات التي يقدمها المركز، ليغيب سالم 5 أشهر ويعود مع الأمل مجدداً، وصل سالم إلى مركز الأطراف ليتم استقباله وأخذ بياناته وعرضه على الطبيب المختص مجدداً ليحصل على الضوء الأخضر للحصول على طرف صناعي والبدء في صناعة جبر الكسر وقبلها جبر الخاطر، يختم سالم حديثه قائلاً: "ثلاثة أيام فارقة فقط حتى عدتُ للمشي، لقد مشيت مجدداً ولله الحمد كانت لحظات التدريب على الطرف متعبة لكن الآن أنا مبتسم، لقد جبر كسري وجبر خاطري، الآن أنا موقن جداً أني أستطيع العمل ولن أكون سبب وعاله على أسرتي سأعوضهم مجدداً بما فقدوه".