هدى وزوجها وعام من الوجع

هدى محمد سيف، نازحة وتبلغ من العمر 33سنة. تستعيد هدى ذكرياتها قائلة:

كنا نعيش في لحظات يعمّها الأمان، فأنا ربّة منزل، ولديّ طفلان، كان زوجي يعمل في أعمال يومية بمقابل أجر يومي فقط، لكنها كانت تكفينا للحصول على لقمة العيش والحمد لله كنا في صحة وعافية وأمان، لكن بسبب الظروف القاسية التي يمر فيها اليمنيين والتي تركوا بسببها أعمالهم، ومنازلهم كنتُ أنا وعائلتي من النازحين".

ذات يوم  قرر زوج هدى الخروج في زيارة إلى إحدى المناطق القريبة لمنزله، إذ يقول "أثناء صعودنا الباص، كان فيه 6 أشخاص من ضمنهم أنا و زوجتي، المناطق التي نمر بها فيها الكثير من الصعوبات والخطورة، لكنه لا خيار لدينا وكان علينا الذهاب عبرها، اختل توازن الباص فجأة مما أدى إلى انقلابه وتدحرجه من أعلى سفح الجبل. لم استوعب شيء بعدما توقف الباص الذي ليته لم يتوقف، جميع الأشخاص نجوا بإعجوبة وأنا معهم، لكن زوجتي هي فقط من أُصيبت، فقد استقر الباص فوق رجلها، تم إسعاف هدى إلى أقرب مركز صحي في المنطقة، وقرر الطبيب نقلها إلى مستشفى لأنها تحتاج لعملية جراحية طارئة، وبسبب ظروف المواصلات وتأخرنا أكثر من اللازم؛ تم بتر قدم هدى لتستيقظ من غيبوبتها و تصرخ (أين قدمي، أين ذهبت)".

تُعبر هدى عن صدمتها قائلة: "رأيت قدمي مبتورة، كنت أصرخ أين قدمي وأبكي، وأرى زوجي يبكي أيضًا لهذا البؤس الذي حل بي، أبكي بشدة لأني ما زلت في عمر صغير وأنني سأُعاق في وقت مبكر".

 

عادت هدى وزوجها إلى منزلهم وفي داخلهم الكثير من الحزن، كانت هدى يوميًا تبكي حُزنًا على قدمها.

يقول زوجها: "وصلتُ لمرحلة كنت سأجن عندما أرى زوجتي تبكي، وأرى أطفالي ينهارون من البكاء معها أيضًا. قضينا فترة طويلة في هذا الحزن، لم أستطع مساعدة نفسي فكيف أساعد زوجتي؟ كنت أتركهم وأغادر خارج المنزل لأبكي وحدي؛ تدهورت حالتي النفسية للدرجة أنني أُصبت بورم سرطاني سبب لي مشكلة كبيرة وسنة كاملة من الوجع، سنة كاملة هدى ضلت فاقدة لكل أمل في الحياة، معاناة الأسرة زادت وكثرت، والأطفال لم يجدوا من يحتويهم، حتى رأيت أحدهم في نفس منطقتي يمشي بقدم صناعي، ذهبت راكضًا تجاه الشخص لأسأله من أين حصل على هذا الطرف، ليُخبرني جملة أعادت لي الأمل، قال لي: مركز الملك سلمان للإغاثة يقدم هذه الأطراف في تعز بشكل مجاني؛ حينها كنت سأطير من الفرح، عُدت راكضًا أنا والشخص إلى زوجتي لترى تلك المعجزة شخص يتمكن من المشي رغم إعاقته!

سألته هدى إن كان يتمكن من المشي بأريحية، فأجابها "ليس المشي فقط، بل العمل، والركض وكل شي لم يمكنني عمله سابقًا".

ويوضح زوج هدى: "هنا بدأ التفكير في تحديد يوم لزيارة المركز، وفعلًا تمت زيارة مركز الأطراف الصناعية التابع لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والذي يُقدّم الأطراف الصناعية المتطورة، حينها تحدثنا مع الكادر فور وصولنا وسألنا ما إذا كانت هدى ستتمكن من المشي مُجددًا وكانت الإجابة بأنها ستعود كما كانت وأفضل، وبالفعل عادت هدى للمشي، وهي تردد لا إله إلا الله، تحققت المعجزة التي كنت أتمنى أن تحدث، سأتمكن من المشي مُجددًا وأرى أطفالي بابتسامة، شكرًا مركز الملك سلمان للإغاثة".